الأربعاء، 22 يونيو 2022

نافذة على دار الجحيم المؤلف عبدالرحمن اليحيا التركي

 نافذة على دار الجحيم المؤلف عبدالرحمن اليحيا التركي

دونكم أيها الأحبة هذه الهدية وهي

نافذة على دار الجحيم

للشيخ عبدالرحمن اليحي التركي 

(الجزء الاول ) 

يحتوي هذا الكتاب الالكتروني على نبذه مختصرة عن النار كأنك تراها

تم الانتهاء منها1420هـ

جميع حقوق الطبع متاحة لكل مسلم 

نافذة على دار الجحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على من لا نبى بعده ,وبعد: 

اخى الحبيب:لقدكتبت لك هذه النافذة على دار الجحيم ليطول فكرك في أهوال النار,فإنه من طال فكره في اهوالها وشدائدها خاف على نفسه, فاتقى الله ووقف عند حدوده وأدى فرائضه,فإن الله خلق الجنة وجعلها لمن أطاعه ولو كان عبدا حبشيا, وخلق النار وجعلها لمن عصاه ولوكان حرا قرشيا

,فمن خاف الله فى الدنيا أمنه يوم القيامة,ومن أمن الله في الدنيا فأتبع نفسه هواهاوتمنى على الله الأماني,أخافه يوم القيامة,ولست أعني بالخوف رقة كرقة النساء تدمع العين ويرق القلب حال السماع ثم تنساه عن قرب, وتعود إلى لهوك ولعبك وعنادك لربك,ولكن من خاف شيئا هرب منه, ومن رجا شيئا طلبه, فلا ينجيك إلا خوفك يمنعك من المعاصي  ويحثك على الطاعة.

إن النار ليس لأحد صبر عليها,ولا لأحد عليها طاقة ولا قوة, فليست مصيبتها كالمصيبات, ولا حزن أهلها كالأحزان,نبأها عظيم,وشأنها شديد,وحزنها فظيع, وقعرها بعيد,وحرها شديد,وحليها حديد, وشرابها صديد,لا يغفل عن الفرار منها والتعوذ من عذابها إلا شقي خاسر خسر الدنيا والآخرة,وذلك هو الخسران المبين.

*فيا أيها الغافل عن نفسه المغرور بما في هذه الحياة من ملهيات ومغريات وفتن وشهوات ولذات,إن الله جعل النار سجنا لمن عصاه وتمرد على أوامره ونواهيه, وهذا السجن ليس كسجن الدنيا, ففي سجن الدنيا يجد السجين الماء إذا ظمأ, ويجد الراحة إذا تعب ويجد الفراش إذا نام, وقد تتصل على أهلك إذا اردت...لكن النار ليس فيها شىء من هذا كله ولا ما يقارب له,بل يسكنه الله دارا ضيقة الأرجاء,لا يسمع فيها النداء,ولا يرحم فيها البكاء,ومالهم فيها من فكاك,وإليك ألوان من عذاب هذاالسجن لتعرف الفرق بين السجنين.

*روى ابن أبي الدنيا عن وهب:( أن أهل النار الذين هم أهلها لا يهتدون ولا ينامون ولا يموتون ,يمشون على النارويجلسون على النار,ويشربون من صديد أهل النار ,ويأكلون من زقوم أهل النار,لحافهم نار,وفرشهم نار,وقمصهم نار وقطران, و تغشى  وجوههم النار,وجميع أهل النار في سلاسل بأيدي الخزنة, أطرافها يجذبونهم مقبلين ومدبرين,فيسيل صديدهم إلى حفيرة في النار فذلك شرابهم) وقد ورد هذاالحديث مقطعا من طرق صحاح , بل وجعل سبحانه في هذاالسجن كل مؤذ,ففي الحديث:( كل مؤذ في النار ) رواه الخطيب.

ففي النار الحر الشديد, وما ظنك بنار(أوقد عليها ألف عام حتى احمرت,وألف عام حتى ابيضت, وألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة) رواه الترمذي

بل إن نارالدنيا لتخاف من نار جهنم ,ففي الحديث:( إن ناركم هذه لجزء من سبعين جزءا من نار جهنم, ولولا انها أطفئت بالماء مرتين ماانتفعتم بها, وإنها لتدعو الله عزوجل ألا يعيدها فيها ) رواه ابن ماجه,ووالله إن نارالدنيا ليكفي عذابها لمن عصى الله فكيف بنار الآخرة عياذا بالله منها؟!

( ولما اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب, أكل بعضي بعضا, فأذن لها بنفسين ,نفس في الشتاءونفس في الصيف,فأشد ما تجدون من الحر من سمومها ,واشد ما تجدون من البرد من زمهريرها) رواه البخارى, وهذا يدلنا على أن شدة الحر من فيح جهنم.

يقول الحسن:( كل حرأهلك شيئا فهو من نفس جهنم ). وفي الحديث:( أبردو بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم) .

*أما شدة  زمهريرها فشيء لا يطاق ولا يوصف, يقول ابن عباس : يستغيث أهل النار من الحر فيرسل الله ريح باردة يصدع العظام بردها حتى يتميز الكافر من بردها -أى ينقطع-وقد جعل الله في هذه الدنيا ما يذكر بحر وبرد جهنم, فهناك أماكن مفرطة الحر وهناك أماكن مفرطة البرد وكلها تذكربعذاب الله لمن كان له قلب.

*وفي النار الجوع الشديد فوق ما هم فيه من العذاب والنكال. يقول سعيد بن جبير: (اذا جاع أهل النار استغاثو من الجوع فيغاثون  بطعام الزقوم, وقد ورد عند الترمذي عن ابن عباس مرفوعا:( لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معاشهم فكيف بمن تكون طعامه).

*وإذا أكلو هذاالطعام ألقي عليهم العطش فيستغيثون من العطش فيغاثون بماء كالمهل يشوي الوجوه, وهذاالماء في منتهى الحرارة  فإذا أدنوه من أفواههم أنضج حره الوجوه,وإذا شربوه قطع أمعاءهم ) .

*أما لباس أهل النارفيقطع لهم ثياب من نار ,يقول إبراهيم التيمي: سبحان من خلق من النارثيابا,يقول الله(فالذين كفرو قطعت لهم ثياب منار ) الحج:19.

*ويوجد في النار الروائح الكريهة المنتنة,ففي الحديث:( وإن ريح فروج أهل الزنا ليؤذى أهل النار) مع ماهم فيه من الأذى والعذاب, بل ورد ذكر نهر في النار منتن يسمى ( نهرالغوطة ) هومنها بمنزلة الأوساخ والأقذار والنتن في الدنيا, ففي الحديث ( من مات وهو مدمن الخمر سقاه الله من نهر الغوطة؟قال:نهر يجري من فروج المومسات يؤذى أهل النار نتن فروجهن ) رواه أحمد

ويبتلى أهل النار بالأمراض والأسقام والعلل,وينادون مالك خازن النارأن يقضي الله عليهم فيموتو ويرتاحو مما هم فيه من الناروالنكال فيجيبهم  ( لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون ) الزخرف 78.

*وعذاب الكفار في النار لا يفتر عنهم ,ولا ينقطع ولا يخفف,بل هو متواصل أبدا,ويسلط الله عليهم أنواعا من العذاب, ويأتيهم الموت من كل مكان وما هم بميتين, فلا تخرج أرواحهم ليستريحو,ولا ترجع إلى مكانها في أجوافهم,ويتمنون الموت فلا يموتون, فهم بين الموت والحياة,يقول الله تعالى ( إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى )

*ورغم عظم عذاب أهل النار إلا أنهم فيها لا يسمعون فلا يرحم منهم البكى,ولا يسمع منهم النداء, فقد ورد أن أهل النار يصيحون ألف سنة فلا ينفعهم ذلك ,فيقولون:كنا إذاصبرنا في الدنيا نجد مخرجا وفرجا فيصبرون ألف سنة فلا يجدون مخرجا فيقولون:( سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) سورة إبراهيم,ولذلك يقول العلماء: إن من لم يصبر الصبرالاختياري في الدنيا عذبه الله بالصبر الاضطراري في النار( اصلوها فاصبرو أولا تصبرو سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون)

*ولذلك جعل الله مفتاح الجنة له ثلاثة أسنان:صبر على طاعة الله؛لأن الله جعل الجنة محفوفة بالمكاره والصعوبات,فلا يوصل إليها إلا على جسر من التعب.وصبرعن محارم الله؛لأن الله جعل النار محفوفة بالشهوات,يقول الله:( فخلف من بعدهم خلف أضاعو االصلاة واتبعوا الشهوات) مريم:59,

وصبر على أقدار الله المؤلمة.

*كذلك ورد أن أهل النار يسألون الله الغيث لما بهم من العطش وشدة العذاب,فتظهر لهم سحابة حمراء فيظنون أنهم يمطرون مطرا,فترسل عليهم حيات وعقارب كأمثال البغال فتلدغ الواحد منهم اللدغة يجد حموتها أربعين خريفا, وتهري لحمه هريا,وفي رواية:تلسعه لسعة فيتناثر لحمه على قدمه.وكل هذا فوق ماهم فيه من النكال والعذاب يقول الله ( زدنهم عذابافوق العذاب) النحل:87,(فذوقو فلن نزيدكم إلا عذابا) نبأ:30.

*أماتحفة أهل النار عند دخولهم النار أجارناالله منها,فيتحفون عند دخولها بالأكل من شجرة الزقوم والشراب من الحميم (إن شجرة الزقوم"43"طعام الأثيم"الدخان44,43,يقول الحسن( ماظنك بقوم قاموعلى أقدامهم خمسين ألف سنة لم يأكلون فيها أكلة,ولم يشربو منها شربة حتى انقطعت أعناقهم عطشا,واحترقت أجوافهم جوعا,ثم انصرف بهم إلى نار فيسقون من عين آنية قد اشتد حرها,بل ورد  ( أن الله ينظر إلى عبده يوم القيامة نظرة وهو غضبان فيقول: خذوه.فيبتدره مائة ألف ملك أو يزيدون فيجمعون بين ناصيته وقدمه غضبا لغضب الله,فيسحبونه على وجهه إلى النار.

وأما صراط جهنم فيضرب على متنها فيمر الناس على قدر أعمالهم زمرا زمرا,فيمر المؤمن كطرف العين, ومنهم كالبرق الخاطف,وكالريح,وكالطير,وكأجاويد الخيل والركاب,فناج مسلم,ومخدوش مرسل,ومكردس على وجهه في النار حتى يمر آخرهم فيسحب سحبا) رواه البخاري ومسلم.

وذلك أن الله جعل الإيمان والعمل الصالح في الدنيا هو الصراط المستقيم,فمن لزم الصراط المستقيم الذي أمر الله عباده بسلوكه والاستقامة عليه ,واستقام سيره عليه في الدنيا ظاهرا وباطنا؛استقام مشيته على الصراط المنصوب على متن جهنم,ومن لم يستقم سيره على الصراط المستقيم في الدنيا بل انحرف عنه إما بفتنة الشبهات أو الشهوات كان اختطاف الكلاليب له على الصراط بحسب ما انحرف عنه.

*أما أكثر أهل النار فهم الذين يخلدون فيها ولهم أعدت,يقول الله:(أعدت للكافرين)البقرة:24,وقد ورد عند أحمد وغيره:(اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء,واطلعت في النارفرأيت أكثرأهلهاالنساء والأغنياء ) وورد عند مسلم:(أن أقل ساكني الجنة النساء) وعن أبي صالح قال:بلغناأن أكثر ذنوب أهل النار من النساء كأنه يشير إلى الزنا ومقدماته,ومن اطلع على كثير من أخبار نساء في هذه الازمنة الفاسدة منهن من  أنكرت الحجاب وخرجن متبرجات متنقبات يلبسن لباس أهل  النار فاتنات مفتونات, علم  لماذا كن أكثر أهل النار,وكم تسببن في إفساد الشباب وضيعن شرفهن.وكم وكم

*ومن هنا نحذر النساء ونذكرهن بموعظة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:(يا معشر النساء, إني رأيتكن أكثر أهل النارفحزن النساء وقامت امرأة وقالت: لماذا النساء أكثر أهل النار؟قال بكفرهن,يكفرن الإحسان ويكثرن اللعن.ثم قال: فأكثرن من الصدقة والاستغفار) رواه البخاري

أما بشاعة الكافر وضخامة جسمه في النار يوم القيامة فشىء عظيم يبهر العقول ويحزن القلوب.نسأل الله العظيم العافية والنجاة من النار,ونسأله أن يدخلنا الجنة بغير سابقة حساب ولا عذاب بمنه وكرمه.وفي الحديث( ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد,وغلظ جلده أربعون ذراعا بذراع الجبار )رواه البزار وأحمد,( وإن مجلسه في النار كما بين مكة والمدينة,وإن بين شحمت أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائةعام)رواه أحمد,ولكن لماذا كل هذه الأجسام العظيمة؟ليكون ذلك أنكى في تعذيبهم ولهيبهم,ومع عظم هذه الأجساد إلا أنها تبدل كل يوم سبعون ألف مرة( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها) وسبب ذلك كما قال الله(ليذوقو العذاب)النساء:56

*وفي الختام أقول لك يا أخي المسلم:لا شك أن من تأمل كتاب الله الكريم وأدار فكره فيه وجد فيه العجب العجاب من أخبار أهل النار,يقول علي رضي الله عنه:(والله لا يؤمن عبد بهذاالقرآن إلا حزن وذبل ونصب وتعب,ووالله يا ابن آدم لئن قرأت القرآن وتأملت فيه ليطولن في الدنيا حزنك,وليشتدن في الدنيا خوفك, وليكثرن في الدنيا بكاؤك)

ويقول عليه الصلاة والسلام:<<مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها,وجعل يحجزهن ويغلبنه فيقتحمن فيها,فذلكم مثلي ومثلكم أناآخذ بحجزكم عن النار هلم عن النار,هلم على النار,هلم على النار فتغلبوني وتقتحمون فيها) رواه مسلم,وفي روايةلأحمد( أناآخذ بحجزكم أدعوكم إلى الجنة وتغلبوني إلا تقتحموا في النار)وزاد البزار( وأنا آخذ بحجزكم أقول: إياكم وجهنم إياكم والحدود,وإياكم وجهنم وإياكم والحدود, إياكم وجهنم إياكم والحدود)

(أفمن هذاالحديث تعجبون)59(وتضحكون ولا تبكون)النجم:60,59

*ويقول عليه الصلاةوالسلام(  والله لوتعلمون ماأعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا,ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله) يقول صالح المري رحمه الله:والله لو رأيت الظا لمين وأهل المعاصي يساقون والأغلال إلى الجحيم حفاة عراة مسودة وجوههم,مزرقة عيونهم ذائبة أجسامهم, ينادون يا ويلاه ,يا ثبوره,ماذا نزل بنا؟ماذا حل بنا؟أين يذهب بنا؟ماذا يرد بنا؟والملائكة تسوقهم بمقامع النيران,فمرة يجرونهم على وجوههم,ومرة يقادون عليها مقرنين من بين باك دما بعد انقطاع الدموع, ومن بين صارخ طائر قلبه مبهوت, إنكم والله لو رأيتهم ذلك  لرأيتم منظرا لا يقوم له بصرك,ولا يثبت له قلبك,ولا يستقر لفظاعة هوله على قرار قدمك, ثم نحب,وأخذ يبكي رحمه الله وبكى الناس.

*ومن هنا نقولكل من أضاع الفرائض التي افترضها الله,وتجاوز الحدود التي حدها الله فأكل الربا, وأكل مال اليتيم,وشهد الزور,وقطع رحمه,ووقع في الزنا,وتتبع أعراض الناس,وعق والديه ,وآذىجاره,وتتبع عورات المسلمين,وعادى أولياء الله الصالحين,ودعاة جهنم الذين وأقفوا أنفسهم على أبوابها يدعون الناس بأقوالهم وأفعالهم إلى النار

هل تقوون على النار وما فيها من النكال؟ إني أنذكم النار, ,فإن أبيتم فالله يقول(فأما من طغى )وءاثر الحياة الدنيا) ( فإن الجحيم هي المأو).

*أسأل الله العظيم لنا ولجميع المسلمين النجاة من أسباب سخطه ومن النار.وعلى كل واحد منا أن يتعاطى الأسباب التي ينجو بها من النار,ولا ييأس أحد من رحمة الله فإنه يغفر الذنوب يقول الله ( قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) بادروا بالتوبة فان الموت يأتي بغته ,ولا بد من العمل فلا تكفي توبة بلا عمل,ولا يكفي إيمان بلا عمل,يقول الله تعالى(وقل اعملو فسيرى الله عملكم) التوبة105,وقال سبحانه(وتلك الجنةالتى أورثتموها بما كنتم تعملون)الزخرف:72.

*تمت هذه النافذةعلى دارالجحيم وما فيها من العذاب الأليم,وهي موعظة وتبصرة لكل منيب,كتبيها نصيحة  وشفقة وحبا يقول الشاعر:

مودتي لك تأبى أن تسامحني           بأن أراك على شىء من الزلل

بغير دين الله لا نرجونجاة                بغير دين الله لا يحلو البقا

وقد كتبت نافذة على دار النعيم فمن أرادها فليرجع إليها.

كتبها عبدالرحمن اليحي التركي عام 1421هـ

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق