الأربعاء، 22 يونيو 2022

أحكام الجنائز المؤلف الشيخ عبد الله بن جار الله آل جار الله

 جمع وتحقيق الفقير إلى ربه

عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله

غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين

  مقدمة

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله r وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:

فكما أن للإنسان أحكامًا في حياته لا بد له من معرفتها والعمل بها فإن له أحكامًا بعد وفاته لا بد له من معرفتها والعمل بموجبها والموت نهاية كل نفسٍ قال تعالى: }كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ{[آل عمران: 185].

ولا بد للحي أن يعرف أحكام المريض قبل الوفاة، وأحكامه بعد الوفاة من تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه على وفق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله r وأن يعرف ما أحيطت به هذه الأحكام من بدع وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان ليحذرها ويحذر إخوانه المسلمين منها وكذلك من المهم معرفة أحكام زيارة القبور الشرعية، والبدعية والشركية التي هي حاصلة في كثير من الأقطار، لذا فقد جمعت في هذه الرسالة المختصرة ما تيسر من الأحكام المهمة التي لا بد للمسلم من معرفتها، ومن أراد التوسع فعليه بكتب الحديث وشروحها، والعقائد وشروحها وكتب الفقه، وهذه الرسالة مستفادة من كلام الله وكلام رسوله r وكلام المحققين من أهل العلم.

وأسأل الله تعالى أن ينفع بها من كتبها أو قرأها أو طبعها أو سمعها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، ومن أسباب الفوز لديه بجنات النعيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المؤلف

عبد الله بن جار الله الجار الله

15/ 4/ 1407هـ

  فضل عيادة المريض

عيادة المريض لها فضل عظيم وثواب جسيم، وهي من حق المسلم على أخيه المسلم ومن أسباب المغفرة والرحمة، ومن أسباب المحبة وإزالة العداوة والبغضاء بين المسلم وأخيه، وقد أمر بها الرسول r في الحديث الصحيح المتفق عليه وقال: «حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه» رواه مسلم.

وقال r «عودوا المريض، وأطعموا الجائع وفكوا العاني» رواه البخاري، والعاني: الأسير.

وقال: «إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع» قيل: يا رسول الله وما خرفة الجنة؟.

قال: «جناها» رواه مسلم ([1]) .

ومن عاد مريضًا خاض في رحمة الله، وإذا جلس عنده غمرته الرحمة كما في الحديث التي رواها الإمام أحمد وغيره ([2]).

ومن عاد مريضًا في الصباح صلت عليه الملائكة حتى يمسي، ومن عاد مريضًا في المساء صلت عليه الملائكة حتى يصبح، كما في الحديث الذي رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، فعيادة المريض وزيارته من حقوق المسلم، وخصوصًا من له حق عليه متأكد: كالقريب، والجار،والنسيب والصاحب وهي من أفضل الأعمال الصالحة المقربة إلى الله وإلى مغفرته ورحمته وجنته، وينبغي للعائد أن يشرح صدر المريض بالبشارة بالأجر والعافية، ويقول له: لا بأس طهور إن شاء الله ويدعو له بالشفاء وينفس له في الأجل ويذكره بالتوبة والإنابة إلى الله والإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار وسؤال الجنة والنجاة من النار وحسن الظن بالله تعالى والإكثار من كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) ويأمره بالوصية النافعة، ولا يطيل عنده الجلوس إلا بقدر العيادة إلا أن يؤثر المريض تردده وجلوسه عنده فلكل مقام مقال ([3]).

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r «من عاد مريضًا أو زار أخًا له في الله ناداه مناد من السماء: طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً» رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

كتاب الجنائز ([4])

يجوز التداوي اتفاقًا ولا ينافي التوكل، ويكره الكي، وتستحب الحمية، ويحرم بمحرم أكلاً وشربًا وصوت ملهاة لقوله r «لا تداووا بحرام»([5]) وتحرم التميمة وهي عوذة أو خرزة تعلق، ويسن الإكثار من ذكر الموت والاستعداد له([6]) وعيادة المريض، ولا بأس أن يخبر المريض بما يجد من غير شكوى بعد أن يحمد الله، ويجب الصبر، والشكوى إلى الله لا تنافيه، بل هي مطلوبة ويحسن الظن بالله وجوبًا ولا يتمنى الموت لضر نزل به ، ويدعو العائد للمريض بالشفاء فإذا نزل به([7]) استحب أن يلقن لا إله إلا الله، ويوجه إلى القبلة، فإذا مات أغمضت عيناه، ولا يقول أهله إلا الكلام الحسن.

لأن الملائكة يؤمنون على ما يقولون ويسجى بثوب ويسارع في قضاء دينه وإبراء ذمته من نذر أو كفارة لقوله r: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضي عنه» حسنه الترمذي ويسن الإسراع في تجهيزه لقوله r «لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله» رواه أبو داود ويكره النعي وهو النداء بموته.

وغسله، والصلاة عليه وحمله وتكفينه ودفنه موجها إلى القبلة فرض كفاية ويكره أخذ الأجرة على شيء من ذلك، وحمل الميت إلى غير بلده لغير حاجة، ويسن للغاسل أن يبدأ بأعضاء الوضوء والميامن ويغسله ثلاثًا أو خمسًا ويكفي مرة، وإذا ولد السقط لأكثر من أربعة أشهر غسل وصلي عليه لقوله r «والسقط يصلى عليه ويدعي لوالديه بالمغفرة والرحمة» صححه الترمذي ولفظه «والطفل يصلى عليه» .

ومن تعذر غسله لعدم ماء أو غيره ([8]) يمم والواجب في كفنه ثوب يستر جميعه، فإن لم يجد ما يستره ستر العورة ثم رأسه وما يليه ويجعل على باقي جسده حشيشًا أو ورقًا.

ويقوم الإمام في الصلاة عليه عند صدر رجل ووسط امرأة ويكبر فيقرأ الفاتحة ثم يكبر فيصلي على النبي r ثم يكبر ويدعو للميت، ثم يكبر الرابعة ويقف بعدها قليلا ثم يسلم واحدة عن يمينه، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويقف مكانه حتى ترفع، روي ذلك عن عمر، ويستحب لمن لم يصل عليها أن يصلي عليها إذا وضعت أو بعد الدفن على القبر ولو جماعة إلى شهر من دفنه، ولا بأس بالدفن ليلاً، ويكره عند طلوع الشمس وعند غروبها وقيامها، ويسن الإسراع بها دون الخبن، ويكره جلوس من تبعها حتى توضع على الأرض للدفن، ويكون التابع لها متخشعًا متفكرًا في مآله، ويكره التبسم والتحدث في أمر الدنيا، ويستحب أن يدخله قبره من عند رجليه إن كان أسهل، ويكره أن يسجى قبر رجل، ولا يكره للرجل دفن امرأة وثم محرم.

واللحد أفضل من الشق، ويسن تعميقه وتوسيعه، ويكره دفنه في تابوت، ويقول عند وضعه: بسم الله وعلى ملة رسول الله ويستحب الدعاء للميت عند القبر بعد الدفن واقفا عنده، ويستحب لمن حضر أن يحثو عليه من قبل رأسه ثلاث حثيات.

ويستحب رفع القبر قدر شبر ويكره فوقه لقوله r لعلي: «لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» رواه مسلم.

ويرش عليه الماء ويوضع عليه حصباء تحفظ ترابه ولا بأس بتعليمه بحجر ونحوه ليعرف لما روي في قبر عثمان بن مظعون ([9]) .

ولا يجوز تجصيصه ولا البناء عليه، ويجب هدم البناء، ولا يزاد على تراب القبر من غيره للنهي عنه، رواه أبو داود.

ولا يجوز تقبيله ولا تخليقه ولا تبخيره ولا الجلوس عليه ولا التخلي عليه وكذلك بين القبور.

ولا الاستشفاء بترابه، ويحرم إسراجه واتخاذ المسجد عليه ويجب هدمه، ولا يمشي بالنعل في المقبرة للحديث قال: أحمد: إسناده جيد.

وتسن زيارة القبور بلا سفر لقوله r «لا تشد الرحال إلى إلى ثلاثة مساجد» ([10]) .

ولا يجوز للنساء لقوله r «لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» رواه أهل السنن.

ويكره التمسح به والصلاة عنده وقصده لأجل الدعاء، فهذه من المنكرات بل من شعب الشرك، ويقول الزائر والمار بالقبر: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ([11]) يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ([12]).

 

تغسيل الميت وتكفينه

1- فضل تغسيل الميت وتكفينه: عن أبي رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله r «من غسل ميتًا فكتم عليه غفر الله له أربعين كبيرة، ومن حفر لأخيه قبرا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث» رواه الطبراني في الكبير ورواته محتج بهم في الصحيح، والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولفظه: «من غسل ميتًا فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة، ومن كفن ميتًا كساه الله من سندس وإستبرق في الجنة، ومن حفر لميت قبًرا فأجنه فيه أجرى الله له من الأجر كأجر مسكن أسكنه إلى يوم القيامة» ([13]).

2- حكم تغسيل الميت وتكفينه: غسل الميت وتكفينه فرض كفاية على من علم به من المسلمين، إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين.

3- من يتولى تغسيل الميت: يشترط أن يكون مسلمًا وينبغي أن يكون ثقة أمينًا عالمًا بأحكام الغسل، ثم إن كان الميت رجلاً تولى الرجال غسله، ولا يجوز للنساء تغسيله إلا الزوجة فلها أن تغسل زوجها، وإن كان الميت امرأة تولى تغسيلها النساء، ولا يجوز للرجال تغسيلها إلا الزوج فله أن يغسل زوجته، وإن كان الميت صغيرًا دون سبع سنين فلكل من الرجال والنساء تغسيله.

4- صفة الماء الذي يغسل به: يشترط أن يكون الماء طهورًا مباحًا، والأفضل أن يكون باردا إلا عند الحاجة لإزالة وسخ على الميت أو في شدة برد فلا بأس بتسخينه.

5- مكان تغسيل الميت: يكون التغسيل في مكان مستور بعيد عن الأنظار ومسقوف من بيت أو خيمة ونحوهما إن أمكن.

6- ما يفعل بالميت قبل التغسيل: يستر ما بين سرته وركبته وجوبًا، ثم يجرد من ثيابه ويوضع على سرير الغسل منحدرًا نحو رجليه لينصب عنه الماء وما يخرج منه.

7- من يحضر التغسيل: يحضره الغاسل ومن يعينه على الغسل، ويكره لغيرهم حضوره.

8- صفة التغسيل: ينبغي أولا: أن يرفع الغاسل رأس الميت إلى قرب جلوسه ثم يمر يده على بطنه ويعصره برفق ليخرج منه ما هو مستعد للخروج، ويكثر صب الماء حينئذ بالخارج، ثم يلف الغاسل على يده خرقة خشنة فينجي الميت وينقي المخرج بالماء ثم ينوي التغسيل ويسمى ويوضئه كوضوء الصلاة إلا المضمضة والاستنشاق فيكفي عنهما مسح الغاسل أسنان الميت ومنخريه بإصبعيه مبلولتين أو عليهما خرقة مبلولة بالماء، ولا يدخل الماء فمه ولا أنفه، ثم يغسل رأسه ولحيته برغوة سدر أو صابون، ثم يغسل ميامن جسده، صفحة عنقه اليمنى ثم يده اليمنى وكتفه ثم شق صدره الأيمن وجنبه الأيمن وفخذه الأيمن وساقه وقدمه الميامن، ثم يقلبه على جنبه الأيسر فيغسل شق ظهره الأيمن، ثم يغسل جانبه الأيسر كذلك، ثم يقلبه على جنبه الأيمن فيغسل شق ظهره الأيسر، ويستعمل السدر مع الغسل أو الصابون، ويستحب أن يلف على يده خرقة حال التغسيل.

9- عدد الغسلات: إن حصل الإنقاء فالواجب غسله واحدة، والمستحب ثلاث غسلات، وإن لم يحصل الإنقاء زاد في الغسلات حتى ينقى إلى سبع غسلات، ويستحب أن يجعل في الغسلة الأخيرة كافورًا، لأنه يصلب بدن الميت ويطيبه ويبرده، فلأجل ذلك يجعل في الغسلة الأخيرة ليبقى أثره.

10- ما يفعل بالميت بعد التغسيل: ينشف بثوب ونحوه ويقص شاربه وتقلم أظفاره إن طالت، ويؤخذ شعر إبطيه ويجعل المأخوذ معه في الكفن ويضفر شعر رأس المرأة ثلاثة قرون، ويسدل من ورائها.

11- ما يفعل بالميت إذا تعذر غسله: من تعذر غسله لعدم الماء أو خيف تقطعه بالماء كالمجذوم والمحترق، أو كان الميت امرأة مع رجال ليس فيهم زوجها أو رجلاً مع نساء ليس فيهن زوجته فإن الميت في هذه الأحوال ييمم بالتراب بمسح وجهه وكفيه من وراء حائل على يد الماسح، وإن تعذر غسل الميت غسل ما أمكن منه ويمم عن الباقي.

12- ما يشرع في حق الغاسل بعد الغسل: يستحب لمن غسل ميتًا أن يغتسل وليس ذلك بواجب.


أحكام التكفين

1- صفة الكفن: يشترط أن يكون ساترًا ويستحب أن يكون أبيض نظيفًا سواء كان جديدًا وهو الأفضل أو غسيلاً.

2- مقدار الكفن: الواجب ثوب يستر جميع الميت والمستحب تكفين الرجل في ثلاث لفائف، وتكفين المرأة في خمسة أثواب: إزار وخمار وقميص ولفافتين، ويكفن الصغير في ثوب واحد ويباح في ثلاثة أثواب، وتكفن الصغيرة في قميص ولفافتين

ويستحب تجمير الأكفان بالبخور بعد رشها بماء الورد ونحوه لتعلق بها رائحة البخور.

3- صفة تكفين الرجل: تبسط اللفائف الثلاث بعضها فوق بعض ثم يؤتى بالميت مستورًا وجوبًا بثوب ونحوه، ويوضع فوق اللفائف مستلقيًا ثم يؤتى بالحنوط وهو الطيب ويجعل منه في قطن بين أليتي الميت ويشد فوقه خرقة ثم يجعل باقي القطن المطيب على عينيه ومنخريه وفمه وأذنيه وعلى مواضع سجوده: جبهته وأنفه، ويديه، وركبتيه وأطراف قدميه، ومغابن البدن الإبطين وطي الركبتين وسرته ويجعل من الطيب بين الأكفان وفي رأس الميت ثم يرد طرف اللفائف، العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن ثم طرفها الأيمن على شقه الأيسر، ثم الثانية كذلك، ثم الثالثة كذلك، ويكون الفاضل من طول اللفائف عند رأسه أكثر مما عند رجليه، ثم يجمع الفاضل عند رأسه ويرده على وجهه ويجمع الفاضل عند رجليه فيرده على رجليه ثم يعقد على اللفائف لئلا تنتشر وتحل العقد في القبر.

4- صفة تكفين المرأة: تكفن المرأة في خمسة أثواب، إزار تؤزر به، ثم تلبس قيمصا، ثم تخمر بخمار على رأسها، ثم تلف بلفافتين، والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

كتبه

الشيخ صالح الفوزان العبد الله


أحكام الصلاة على الميت

فضلها: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيرطان» قيل وما القيرطان؟ قال: «مثل الجبلين العظيمين» متفق عليه.

حكمها: فرض كفاية إذا فعلها البعض سقط الإثم عن الباقين، وتبقى في حق الباقين سنة، وإن تركها الكل أثموا.

شروطها: النية، واستقبال القبلة وستر العورة، وطهارة المصلى عليه، واجتناب النجاسة وإسلام المصلي والمصلى عليه، وحضور الجنازة إن كان بالبلد وكون المصلي مكلفًا.

أركانها: القيام فيها، والتكبيرات الأربع قراءة الفاتحة والصلاة على النبي r والدعاء للميت، والترتيب، والتسليم.

سننها: رفع اليدين مع كل تكبيرة، والاستعاذة قبل القراءة وأن يدعو لنفسه وللمسلمين والإسرار بالقراءة وأن يقف بعد التكبيرة الرابعة وقبل التسليم قليلا، وأن يضع يده اليمنى على يده اليسرى، والالتفات على يمينه للتسليم.

صفتها: يقوم الإمام والمنفرد عند صدر الرجل ووسط المرأة، ويقف المأمومون خلف الإمام، ويسن جعلهم ثلاثة صفوف، ثم يكبر للإحرام، ويتعوذ بعدها مباشرة فلا يستفتح، ويسمي ويقرأ الفاتحة، ثم يكبر ويصلي على النبي r مثل الصلاة عليه في تشهد الصلاة، ثم يكبر ويدعو بعدها للميت بما ورد، ومنه: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، إنك تعلم منقلبنا ومثوانا، وأنت على كل شيء قدير اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة، ومن توفيته منا فتوفه عليهما اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، وغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، وأفسح له في قبره ونور له فيه، وإن كان المصلى عليه أنثى قال: اللهم اغفر لها، بتأنيث الضمير، وإن كان المصلي عليه صغيرًا قال: اللهم اجعله ذخرًا لوالديه وفرطًا وأجرًا وشفيعًا مجابًا، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم أجورهما، واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم، ثم يكبر ويقف قليلاً بعدها ثم يسلم تسليمه واحدة عن يمينه.

ومن فاته بعض الصلاة على الجنازة دخل مع الإمام فيما بقي ثم إذا سلم الإمام قضى ما فاته على صفته، وإن خشي أن ترفع الجنازة تابع التكبيرات أي بدون فصل بينهما، ثم سلم ومن فاتته الصلاة على الميت قبل دفنه صلى على قبره.

ومن كان غائبًا عن البلد الذي فيه الميت وعلم بوفاته فله أن يصلي عليه صلاة الغائب بالنية، وحمل المرأة إذا سقط ميتًا وقد تم به أربعة أشهر فأكثر صلي عليه صلاة الجنازة وإن كان دون أربعة أشهر لم يصل عليه، والله أعلم.

وصلى الله على نبينامحمد وآله وصحبه وسلم.

كتبه

الشيخ صالح الفوزان العبد الله


كيفية دفن الميت

1- الواجب أن يدفن الميت في قبر يمنع من السباع متوجهًا إلى القبلة وكلما عمق فهو أفضل.

2- الأفضل أن يكون القبر ملحدًا، وذلك بأن يحفر للميت حفرة في عمق القبر مما يلي القبلة.

3- يجوز أن لا يكون القبر ملحدًا، وذلك بأن يحفر للميت حفرة في عمق القبر في وسطه إذا دعت الحاجة لذلك بأن تكون الأرض رخوة.

4- يوضع الميت في قبره على جنبه الأيمن متوجهًا إلى القبلة.

5- ينصب عليه اللبن نصبًا، ويسد ما بينهما بالطين المثري لئلا ينهال التراب على الميت.

6- يدفن القبر بعد ذلك ولا يرفع، ولا يشيد بجص أو غيره.

7- لا يجوز الدفن في ثلاثة أوقات: إذا طلعت الشمس حتى ترتفع قدر رمح، وإذا وقفت عند الزوال حتى تزول وإذا بقي عليها مقدار رمح عند الغروب حتى تغرب، ومقدار الوقتين الأول والأخير نحو ربع ساعة مقدار الثاني سبع دقائق.

8- لا يدفن الكافر في مقابر المسلمين كما لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، وإنما يدفن في مكان غير مملوك لأحد إلا أن ينقل لبلاده.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

كتبه الفقير إلى الله

محمد الصالح العثيمين


حكم صنع أهل الميت الطعام للناس

فتوى رقم 4504 تاريخ 20/ 3/ 1402هـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من الدعاة والمرشدين في مركز أبها والسؤال هو

(سؤالنا عن ما يجري في عزاء الميت اليوم وذلك في الآونة الأخيرة أخذت كل قرية من قرى الجنوب تجمع نقودا وتأخذ صيوان خيام وينصب إذا مات منهم واحد لمدة ثلاثة أيام) ثم يأخذ وفود المعزين يأتون إليهم جماعة بعد جماعة في ذلك الصيوان ويجلسون مدة من الوقت ثم يذهبون ويأتي آخرون وهكذا حتى تنتهي هذه الثلاثة الأيام وبعض المعزين يأتون بغنم معهم وأكياس طعام خاصة عند ذي القرابة من نسب أو من صهر، وهؤلاء الوفود لا يأكلون عند أهل المصاب لكن عند الجماعة وخاصة الذي يأتي من بلد بعيد، فالذي أشكل علينا هو نصب هذه الخيام والتجمع الذي بصفة دائمة في هذه الثلاثة أيام وإقراء الجماعة أهل المصاب للذين يأتون من بعيد هل فيه شيء أم لا؟ وهل المال الذي يجلب لهذا العزاء من غنم وأكياس طعام وقهوة فيه شيء أم لا؟ نرجو توضيح الجائز من غيره في كل ما ذكر.

الجواب:

أولاً: من هديه r تعزية أهل الميت، بهذا جاءت السنة من فعله r وقوله.

ثانيًا: من السنة صنع الطعام لأهل الميت فعن عبد الله بن جعفر قال لما جاء نعي جعفر حيث قتل قال النبي r: «اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم» رواه الخمسة إلا النسائي.

ثالثًا: الاجتماع عند أهل الميت وصنع الطعام منهم بعد دفنه لا يجوز، والأصل ما رواه الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من دفنه من النياحة.

رابعًا: يحرم ما يفعله أهل القرية من جمع نقود يأخذون بها صيوانًا ينصب إذا مات واحد لمدة ثلاثة أيام يأتي إليهم جماعة بعد جماعة في ذلك الصيوان ويجلسون مدة من الوقت ثم يذهبون ويأتي آخرون وهكذا حتى تنتهي هذه الثلاثة أيام لأن ذلك بدعة لا أساس لها في الشرع المطهر.

خامسًا: ما يأتي به المعزون من الغنم والأكياس إذا كان صدقة منهم لأهل الميت فلا شيء فيه.

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

عضو عبد الله بن قعود         عضو عبد الله بن غديان


زيارة المسجد النبوي الشريف

س: ما حكم زيارة المسجد النبوي الشريف؟

ج: زيارة المسجد النبوي سنة، والصلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، رواه مسلم وغيره.

س: ما حكم زيارة قبر النبي r؟

ج: السفر لأجل ذلك غير جائز لقوله r «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى»([14]) وأما من كان بالمدينة من المقيمين فيها والزائرين للمسجد النبوي فإنه يسن لهم زيارة قبره r وقبري صاحبيه رضي الله عنهما.

س: ما صفة زيارة قبر النبي r وقبري صاحبيه؟

ج: أن يأتي الزائر ويقف مستدبرًا القبلة مستقبلاً القبر بهدوء وخفض صوت قائلا: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا عمر، ولا يدعو الله مستقبلاً القبر، ولا يضع اليمنى على اليسرى كهيئة المصلي، ولا يتمسح بالحجرة.

س: ما حكم زيارة النساء للقبور بما في ذلك قبره r؟

ج: لا يجوز للنساء زيارة القبور عمومًا، لأنه لعن زائرات القبور، رواه أهل السنن.

والصلاة والسلام عليه r تصله من الشخص في أي مكان كان والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ما أمر به الرسول r عند القبور وما نهى عنه

الحمد لله الذي خلق الإنسان من نطفة أمشاج، وجعله سميعًا بصيرًا، وهداه النجدين، فمنهم من سلك طريق الجنة، ومن من اختار سعيًرا، والصلاة والسلام على أفضل من أرسل بالحق بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وعلى آله وأصحابه الذين كانوا له في إحياء الدين معينًا وظهيرًا، وهم في مجاهداتهم لم يتخذوا من دون الله وليا ولا نصيرًا.

وبعد: فهذه أوراق انتخبتها من إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ([15]) للشيخ الإمام العلامة ابن قيم الجوزية، جعل الله روحه مع الأرواح التي رجعت إلى ربها راضية مرضية.

قال رحمه الله: ومن جمع بين سنة رسول الله r في القبور وما أمر به ونهى عنه وما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وبين ما عليه أكثر الناس اليوم؛ رأى أحدهما مضادًا للآخر مناقضًا له بحيث لا يجتمعان أبدًا، فإنه عليه السلام نهى عن الصلاة إلى القبور وهم يخالفونه ويصلون عندها، ونهى عن اتخاذ المساجد عليها، وهم يخالفونه ويبنون عليها مساجد ويسمونها مشاهد، ونهى عن إيقاد السرج عليها وهم يخالفونه ويوقدون عليها القناديل والشموع بل يوقفون لذلك أوقافًا.

وأمر بتسويتها وهم يخالفونه ويرفعونها من الأرض كالبيت، ونهى عن تجصيصها والبناء عليها وهم يخالفونه ويجصصونها ويعقدون عليها القباب، ونهى عن الكتابة عليها، وهم يخالفونه ويتخذون عليها الألواح ويكتبون عليها القرآن وغيره.

فكل ما لعن عليه رسول الله r فهو من الكبائر وقد صرح الفقهاء بتحريمه.

وقال أبو محمد المقدسي: لو كان اتخاذ السرج عليها مباحًا لم يلعن من فعله، وقد لعن لأن فيه تضييعًا للمال في غير فائدة وإفراطًا في تعظيم القبور، وتشبيها بتعظيم الأصنام، ولهذا قال العلماء، لا يجوز أن ينذر للقبور، لا شمع ولا زيت ولا غير ذلك فإنه نذر معصية لا يجوز الوفاء به بالاتفاق، ولا أن يوقف عليها شيء لأجل ذلك ، فإن هذا الموقف لا يصح ولا يحل إثباته وتنفيذه.

ومنها: أنه عليه السلام نهى عن تجصيصها والبناء عليها، روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه أنه عليه السلام نهى عن تجصيص القبر وأن يبنى عليه، قيل: هذا يحتمل وجهين:

أحدهما: البناء عليه بالحجارة وما يجري مجراها، والآخر: أن يضرب عليه خباء ونحوه، وكلا الوجهين منهي عنه لعدم الفائدة فيها مع إضاعة المال، وبكونه من صنيع أهل الجاهلية.

ومنها: أنه عليه السلام نهى عن الكتابة عليها، كما روى أبو داود في سننه عن جابر رضي الله عنه أنه عليه السلام نهى عن تجصيص القبور وأن يكتب عليها.

ومنها: أنه عليه السلام نهى عن الزيادة عليها من غير ترابها كما روى أبو داود عن جابر رضي الله عنه أيضًا أنه عليه السلام نهى عن تجصيص القبر أو يكتب عليه أو يزاد.


زيارة القبور الشرعية والشركية ([16])

زيارة القبور نوعان:

زيارة شرعية ، وزيارة بدعية.

أما الزيارة الشرعية: التي أذن فيها رسول الله r فالمقصود منها شيئان:

أحدهما راجع إلى الزائر وهو الاعتبار والاتعاظ.

والثاني راجع إلى الميت وهو أن يسلم عليه الزائر، ويدعو له ولا يطول عهده به فيهجره ويتناساه كما أنه إذا ترك زيارة أحد من الأحياء يتناساه وإذا زاره فرح بزيارته وسر بذلك، فالميت أولى به، لأنه قد صار في دار هجر أهلها إخوانهم ومعارفهم فإذا زاره أحد وأهدى إليه هدية من سلام ودعاء ازداد بذلك سروره وفرحه.

وأما الزيارة البدعية: فزيارة القبور لأجل الصلاة عندها والطواف بها وتقبيلها واستلامها وتعفير الخدود عليها وأخذ ترابها ودعاء أصحابها والاستعانة بهم، وسؤالهم النصر والرزق والعافية والولد وقضاء الديون وتفريج الكربات وإغاثة اللهفات وغير ذلك من الحاجات، التي كان عباد الأوثان يسألونها من أوثانهم، فليس شيء من ذلك مشروعًا باتفاق أئمة المسلمين إذ لم يفعله رسول الله r ولا أحد من الصحابة والتابعين وسائر أئمة الدين، بل أصل هذه الزيارة البدعية الشركية مأخوذة من عباد الأصنام.


من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء

فتوى رقم 2927 وتاريخ رقم 8/ 4/ 1400هـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الأسئلة المقدمة من عبد الرحمن بن محمد المصري إلى سماحة الرئيس العام والمحالة إليها من الأمانة العامة برقم 14/ 2 في 1/ 1/ 1400 هـ.

وأجابت عنها فيما يلي:

س: ما حكم زيارة النساء والرجال للقبور وبكاء النساء على القبور ولطمهن خدودهن وشقهن ثيابهن؟

ج: أولاً0: من السنة زيارة الرجال للقبور لفعل النبي r ذلك وأمره به ولعمل الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة رضي الله عنهم وأئمة المسلمين دون مخالف فكان إجماعًا لقوله r «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها»([17]) الحديث .

أما النساء فلا يجوز لهن زيارة القبور على الصحيح من قولي العلماء لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «لعن رسول الله r زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج»، رواه أصحاب السنن.

وله شاهد من حديث أبي هريرة وحسان بن ثابت رضي الله عنهما، ولا تعارض بينه وبين حديث الإذن في الزيارة المتقدم، فإن هذا خاص بالنساء لمجيئه بصيغة جمع المؤنث، وحديث الإذن المتقدم عام شامل وللنساء والرجال بتغليب صيغة الرجال فحديث «لعن الله زائرات القبور» يخصصه، فيخرج النساء من الإذن في زيارة القبور.

ثانيا: بكاء النساء بصوت مرتفع نوع من النياحة وهي من كبائر الذنوب سواء كان ذلك على القبور، أم لا، وكذلك لطمهن خدودهن وشقهن ثيابهن من كبائر الذنوب، لما ثبت عن النبي r أنه قال: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» رواه مسلم.

ولما ثبت عنه r أيضًا أنه قال: «ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» رواه البخاري ومسلم.

س: ما حكم البناء على القبور وتزيينها بالرخام وغير ذلك من كتابة آية أو آيات على القبور؟

ج: يحرم بناء المساجد على القبور ورفع القباب عليها لما روته عائشة رضي الله عنها عن النبي r أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى، واتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق عليه.

ولما في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله r «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد» .

ولما في ذلك من الغلو فيمن دفن بها، ولا يجوز رفعها إلا بقدر ما يعرف أن هنا قبرا حتى يحافظ عليه من المشي فوقه أو قضاء الحاجة عليه، فقد ثبت عن علي رضي الله عنه أنه قال لأبي الهياج الأسدي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله r «أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» رواه مسلم.

وكذلك يحرم تزيينها بالرخام ونحوه لما ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله r نهى عن أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه، ولما في ذلك من الغلو في تعظيم من دفن بها وذلك ذريعة إلى الشرك على الأقل، وتحرم كتابة آية أو آيات من القرآن أو جملة منه على جدران القبور لما في ذلك من امتهان القرآن وانتهاك حرمته واستعماله في غير ما أنزل من أجله من التعبد بتلاوته وتدبره واستنباط الأحكام والتحاكم إليه، كما تحرم الكتابة على القبور مطلقًا ولو غير القرآن لعموم نهي النبي r عن الكتابة عليه رواه الترمذي وغيره بإسناد صحيح.

 

س: ما حكم سكنى أقارب الميت مثلا جانب القبور عدة أيام وأسابيع وزيارة النساء والرجال القبور كل خميس والبكاء ولطم الخدود على الميت ؟

ج: ليس السكن إلى جانب القبور عدة أيام أو أسابيع من أجل الميت إيناسًا له في زعمهم أو تعلقًا به وحبًا له مثلاً من هدي رسول الله r ولا من هدي الخلفاء الراشدين ولا سائر الصحابة رضي الله عنهم ولا عرف عن أئمة أهل العلم، والخير كل الخير في اتباعهم وترك المبيت عند القبور لما ذكر اقتداءً برسول الله r وخلفائه وسائر أصحابه ومن تبعهم بإحسان رضي الله عنهم، أما تخصيص يوم الخميس بزيارة القبور فهو ابتداع في الدين وقد ثبت عن النبي r أنه قال: «من أحدث في ديننا هذا ما ليس منه فهو رد» رواه البخاري ومسلم.

وأما حكم زيارة النساء القبور وبكائهن، ولطمهن الخدود على الميت فمن كبائر الذنوب لما تقدم في جواب السؤال الأول.

س: ما حكم ذبح ذبيحة أو أكثر في البيت على روح الميت عند مضي أربعين يومًا على وفاته وإطعامها الناس بقصد التقرب إلى الله ليغفر لميتهم ويرحمه ويسمونه الرحمة أو عشاء الميت؟

ج: ما ذكرت من الذبح على روح الميت عند مضي أربعين يوما عليه من تاريخ وفاته وإطعامها الناس تقربًا إلى الله رجاء مغفرته والرحمة بدعة منكرة فإن النبي r لم يفعل ذلك ولم يفعله الخلفاء الراشدون ولا سائر الصحابة رضي الله عنهم ولا أئمة أهل العلم فكان إجماعًا على عدم مشروعيته وقد ثبت عن النبي r أنه قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ومن قوله: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».

س: ما حكم زيارة النساء القبور يوم الخميس وتوزيع الخبز والتمر واللحم عندها؟

ج: أولاً: الصدقة على الميت مشروعة للأحاديث الثابتة في ذلك لكن لا يكون توزيعها عند القبور، لأنه لم يعهد ذلك في زمن النبي r ولا زمن الصحابة رضي الله عنهم فكان بدعة منكرة لما ثبت من قول النبي r «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» رواه مسلم وكذا تخصيص يوم للصدقة.

ثانيًا: زيارة النساء للقبور يوم الخميس أو غيره لا يجوز، لما تقدم في الجواب على السؤال الأول.

س: ما حكم قراءة القرآن على القبور وما حكم قراءة القرآن ثلاثة أيام على الأقل في بيت الميت؟

ج: أولاً قراءة القرآن على القبور حرام والصحيح من قولي العلماء أن ثواب القراءة لا يصل إلى الميت بل هو بدعة وقد صدر في ذلك فتوى عن سؤال مماثل هذا نصفها قراءة القرآن عبادة من العبادات البدنية المحضة لا يجوز أخذ الأجرة على قراءته للميت ولا يجوز دفعها لمن يقرأ، وليس فيها ثواب والحالة هذه ويأثم آخذ الأجرة ودافعها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يصح الاستئجار على القراءة وإهداؤها إلى الميت لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة، وقد قال العلماء: إن القارئ لأجل المال لا ثواب له فأي شيء يهدى إلى الميت؟ انتهى والأصل في ذلك أن العبادات مبنية على الحظر فلا تفعل عبادة إلا إذا دل الدليل الشرعي على مشروعيتها قال تعالى: }وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ{ وقال r «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» وفي رواية «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» أي مردود على صاحبه، وهذا العمل الذي يسأل عنه السائل لا نعلم أنه فعله النبي r أو أحد من أصحابه، وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها والخير كله في اتباع ما جاء به رسول الله r مع حسن القصد .

قال تعالى: }وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى{[لقمان: 22] وقال تعالى: }بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ{[البقرة: 112] .

والشر كله بمخالفة ما جاء به رسول الله r وصرف القصد بالعمل لغير وجه الله.

ثانيا: الجلوس في بيت الميت أو غيره ثلاثة أيام أو أكثر للتعزية وقراءة القرآن على الميت لا يجوز

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الرئيس                         نائب رئيس اللجنة

عبد العزيز بن عبد الله بن باز              عبد الرازق عفيفي

عضو                 عضو

عبد الله بن قعود           عبد الله بن غديان


من بدع الجنائز

والبدع جمع بدعة وهي ما خالف الشرع من الأقوال والأفعال، والاعتقادات فمنها:

1- الجهر بالذكر عند غسل الميت وتشييعه.

2- الإبطاء في السير بالجنازة، والسنة الإسراع بها.

3- الأذان عند إدخال الميت القبر والإقامة.

4- الصدقة عند القبر.

5- الضيافة من الطعام من أهل الميت للناس لمدة ثلاثة أيام.

6- عمل ضيافة من أهل الميت في اليوم الأول، والسابع، والأربعين وتمام السنة.

7- اتخاذ الطعام من أهل الميت أول خميس بعد موته.

8- إجابة دعوة أهل الميت إلى الطعام.

9- وقف الأوقاف لتلاوة القرآن الكريم أو غيره من العبادات ويهدى ثوابه لروح الواقف.

11- القراءة للأموات وعليهم.

12- الوقوف أمام القبر واضعًا يديه كالمصلي.

13- قراءة الفاتحة للموتى أو لأرواحهم.

14- إعطاء أجرة لمن يقرأ القرآن ويهديه للميت.

15- قصد القبر للدعاء عنده رجاء الإجابة.

16- السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين.

17- جعل الرخام وألواحًا من الخشب على القبور.

18- حمل المصحف إلى المقبرة والقراءة منه على الميت.

19- الطواف بقبور الأنبياء والصالحين أو غيرهم.

2- قصدها للصلاة عندها وإليها.

21- قصدها للذكر والقراءة والدعاء.

22- التوسل إلى الله تعالى بالمقبورين.

23- رفع القبر والبناء عليه وتجصيصه.

24- كتابة اسم الميت وتاريخ موته على القبر.

25- دفن الميت في المسجد أو بناء المسجد على القبر.

26- اتخاذ القبور مساجد بالصلاة عندها وإليها.

27- قصد أهل المدينة زيارة القبر النبوي كلما دخلوا المسجد أو خرجوا منه.

28- السفر لزيارة قبره r.

29- سؤاله r الاستغفار والتوسل به، أو الإقسام به على الله تعالى أو الاستعانة به من دون الله.

3- التمسح بالقبر الشريف أو تقبيله والطواف به.

31- إطالة القيام عند القبر النبوي للدعاء لنفسه مستقبلاً الحجرة.

32- ومن البدع وضع المصحف على الميت.

33- استقبال القبر بغاية الخشوع، ووضع اليمين على اليسار، كما يفعل في الصلاة.

34- طلب الشفاعة وغيرها من الأموات، والأنبياء كغيرهم في ذلك.

35- الجلوس عند القبر للتلاوة والذكر.

36- قصد القبر النبوي للسلام عليه دبر كل صلاة،وترك الأذكار الشرعية بعد الصلاة.

37- قصد شيء من المساجد والمزارات في المدينة سوى مسجد النبي r ومسجد قباء.

38- تلقين من يعرفون بالمزورين جماعات الزائرين بعض الأذكار والأدعية عند القبر النبوي بأصوات مرتفعة وإعادة الزائرين لها بأصوات عالية ([18]).

39- ومن البدع زيارة النساء للقبور بما في ذلك قبر النبي r.

40- البناء على القبور وإضاءتها، وإلقاء الستور عليها.

41- تخصيص يوم معين لزيارة القبور.

42- غرس الأشجار والزهور على القبور.

43- كتابة كلمة الإخلاص بالعطر على جبين الميت.

44- وضع الآيات القرآنية في الكفن مع الميت.

34- طلب الشهادة له بالخير من الحاضرين وإن لم يعرف بذلك 46- قول بعض المشيعين للجنائز (وحدوه) بصوت مرتفع، فيقولون: لا إله إلا الله بصوت عال.

47- تلقين الميت بعد الدفن الشهادتين، والحديث الوارد فيه ضعيف.

48- الاجتماع للتعزية وتحديدها بثلاثة أيام، والمعانقة لها.

49- قراءة القرآن على القبر.

50- وضع البخور مكان غسل الميت، بدعوى أن روح الميت تحوم حول مكان غسل جسد الميت لمدة ثلاثة أيام.

51- كتابة لا إله إلا الله محمد رسول الله على الشرائف التي يغطى بها الكفن.


نصيحة وتحذير

وبناء على ما تقدم من كلام الله وكلام رسوله r وكلام أهل العلم فإننا ننصح إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بأن يمسكوا بتعاليم دينهم وبكتاب ربهم وسنة نبيهم، وأن يحذروا من الوقوع في البدع والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان، ليفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة ويسلموا من شقاوة الدنيا والآخرة، فإن الخير كله في طاعة الله ورسوله والشر كله في معصية الله ورسوله قال الله تعالى: }وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا{[الأحزاب: 71] }وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا{[الأحزاب: 36].

وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


  1. الفهرس
    الصفحة
    الموضوع
    3
    المقدمة...........................................
    5
    فضل عيادة المريض...............................
    7
    كتاب الجنائز....................................
    11
    تغسيل الميت وتكفينه.............................
    15
    أحكام التكفين..................................
    17
    أحكام الصلاة على الميت.........................
    20
    كيفية دفن الميت.................................
    22
    حكم صنع أهل الميت الطعام للناس................
    25
    زيارة المسجد النبوي.............................
    26
    ما أمر به الرسول عند القبر وما نهى عنه............
    29
    زيارة القبور الشرعية والشركية....................
    31
    من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء...................
    38
    من بدع الجنائز..................................

([1]) انظر رياض الصالحين 432، 433.

([2]) انظر الترغيب والترهيب (5/ 282).

([3]) انظر بهجة قلوب الأبرار لابن سعدي (92).

([4]) من كتاب آداب المشي إلى الصلاة للشيخ الإمام: محمد بن سليمان التميمي رحمه الله.

([5]) رواه أبو داود وغيره.

([6]) قوله: والاستعداد له، أي بالتوبة من المعاصي، والخروج من المظالم لقوله تعالى: }فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا{ ولقوله عليه السلام: أكثروا من ذكر هاذم اللذات، الموت» رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

([7]) أي نزل به ملك الموت لقبض روحه.

([8]) قوله: أو لعذر، غير عدم الماء كالحرق والجذام فإنه ييمم كما سيأتي 16 ثم إن يمم الميت لعدم الماء وصلى عليه ثم وجد الماء قبل دفنه وجب غسله وتعاد الصلاة عليه.

([9]) أخرجه أبو داود (3206) مرسلاً وابن ماجه (1561) من طريق آخر عن أنس.

([10]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

([11]) قوله: «إن شاء الله بكم لا حقون» قال في شرح الإقناع: الاستثناء للتبرك قاله العلماء، وفي البغوي أنه يرجع إلى اللحوق لا إلى الموت، وفي الشافي أنه يرجع إلى البقاء.

([12]) انظر كشاف القناع عن متن الإقناع (2/ 76، 159).؟

([13]) انظر الترغيب الترهيب للمنذري (5/ 299).

([14]) رواه البخاري ومسلم.

([15]) انظر إغاثة اللهفان لابن القيم (1/ 182-204) ورسالة زيارة القبور الشرعية والشركية، للإمام محيي الدين محمد البركوي.

([16]) للإمام الحجة محيي الدين محمد البركوي المتوفى سنة 981هـ.

([17]) رواه الترمذي وصححه.

([18]) انظر تلخيص أحكام الجنائز ومناسك الحج والعمرة للألباني.

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق