الأربعاء، 22 يونيو 2022

الجنة دار المتقين المؤلف هند بنت عبدالعزيز البابطين





الجنة دار المتقين المؤلف هند بنت عبدالعزيز البابطين
وصف الكتاب


قالت المؤلفة :
من نعم الله على العباد هدايتهم للعمل الصالح الذي يباعدهم عن النار ويدخلهم الجنة التي هي (نعم المستقر )؛ إذ إن نعيمها يتصف بالثبات والدوام وعدم الانقطاع، ولقد هيأه الله وأعده للمتقين، فلذلك أطلقت على هذه الرسالة الصغيرة التي عقدﺗﻬا للحديث عن الجنة اسم (الجنة دار المتقين)، وسنتطرق فيها بإذن الله إلى الحديث عن الموضوعات التالية:
أولا: الصراط الموصل إلى الجنة.
ثانيًا: تعريف الجنة.
ثالًثا: الناس ودخولهم إلى الجنة وكيفية ذلك.
رابعًا: وصف الجنة.
خامسًا: بعض من نُصَّ على أﻧﻬم في الجنة.
سادسًا: الفرق بين الجنة ومتاع الدنيا.
سابعًا: طريق الجنة شاق.
ثامنًا: أعمال تقودك إلى الجنة.


تاريخ النشر
1431/6/20 هـ 

روابط التحميل

المقدمة

الحمد لله الذي خلق الجنة والنار، وخلق لكل واحدة منهما أهلاً وأصحابًا، وجعل الجنة دار أوليائه، والنار دار أعدائه، والصلاة والسلام على خاتم رسله، وأشرف خلقه الذي جاء إلى الجنة داعيًا، وفي نعيمها مرغبًا، ومن النار وعذابها مخوفًا ومحذِّرًا ومرهبًا.

أما بعد....

إن نعم الله على العباد كثيرة، فلو قضى الإنسان حياته كلها في سجدة واحدة لله، لما قدم شكر نعمة واحدة من نعم الله الكثيرة عليه كنعمة البصر أو السمع أو غيرهما.

ومن نعم الله على العباد هدايتهم للعمل الصالح الذي يباعدهم عن النار ويدخلهم الجنة التي هي (نعم المستقر)؛ إذ إن نعيمها يتصف بالثبات والدوام وعدم الانقطاع، ولقد هيأه الله وأعده للمتقين، فلذلك أطلقت على هذه الرسالة الصغيرة التي عقدتها للحديث عن الجنة اسم (الجنة دار المتقين)، وسنتطرق فيها بإذن الله إلى الحديث عن الموضوعات التالية:

أولاً: الصراط الموصل إلى الجنة.

ثانيًا: تعريف الجنة.

ثالثًا: الناس ودخولهم إلى الجنة وكيفية ذلك.

رابعًا: وصف الجنة.

خامسًا: بعض من نُصَّ على أنهم في الجنة.

سادسًا: الفرق بين الجنة ومتاع الدنيا.

سابعًا: طريق الجنة شاق.

ثامنًا: أعمال تقودك إلى الجنة.

والله الهادي إلى صراط مستقيم

أولاً: الصراط الموصل إلى الجنة

قال الفضيل بن عياض في وصف الصراط: بلغنا أن الصراط مسيرة خمسة عشر ألف سنة: خمسة آلاف صعود، وخمسة آلاف هبوط، وخمسة آلاف مستوى أدق من الشعرة وأحد من السيف، على متن جهنم، لا يجوز عليه إلا ضامر مهزول من خشية الله ([1]).

كيف بك وأنت تسيرين عليه، وهو أدق من الشعرة وأحد من السيف، وتحتك النار سوداء مظلمة، تسمعين شهيق النار وتَغَيُّظها؟! وقد كلفت أن تمشي عليه، مع ضعف حالك واضطراب قلبك وتزلزل قدمك، وثقل ظهرك بالأوزار، المانعة من المشي على بساط الأرض، فضلاً عن حدَّة الصراط، فكيف بك إذا وضعت عليه إحدى رجليك، فأحسست بحدته، واضطررت إلى أن ترفعي قدمك الثانية، والخلائق بين يديك يزلون ويعثرون، وتتناولهم زبانية النار بالخطاطيف والكلاليب، وأنت تنظرين إليهم كيف ينكسون إلى جهة النار رؤوسهم وتعلو أرجلهم، فيا له من منظر ما أفظعه! ومرقى ما أصعبه! ومجازًا ما أضيقه! ([2]).

ثانيًا: تعريف الجنة

هي الجزاء العظيم والثواب الجزيل الذي أَعَدَّه الله لأوليائه وأهل طاعته، وهي نعيم كامل لا يشوبه نقص ولا يعكر صفوه كدر، وما حدَّثنا الله به عنها وما أخبرنا به الرسول r يحير العقل ويذهله؛ لأن تصور عظمة ذلك النعيم يعجز العقل عن إدراكه واستيعابه، قال الله تعالى في الحديث القدسي: «أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر». ثم قال r: «اقرؤوا إن شئتم: }فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ{ [السجدة: 3]»([3]) وقال r: «موضع سوطٍ في الجنة خير من الدنيا وما فيها»([4]).

ثالثًا: الناس ودخولهم الجنة وكيفية ذلك

1- الشفاعة في دخول الجنة:

ثبت في الأحاديث الصحيحة أن المؤمنين عندما يطول عليهم الموقف في يوم الجزاء يطلبون من الأنبياء أن يستفتحوا لهم باب الجنة، فكلهم يتمنع ويتأبى ويقول: (لست لها) حتى يبلغ الأمر نبينا محمدًا r فيشفع في ذلك؛ لأنه أذن له بذلك.

قال الرسول r: «يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون، حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم، فيقولون: يا أبانا، استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم، لست بصاحب ذلك..»([5]) الحديث، وهكذا كل نبي يدفعها ويقول: (نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري). حتى تصير إلى محمد r.

2- تعذيب المؤمنين وتنقيتهم قبل الدخول:

بعد أن يجتاز المؤمنون الصراط يوقفون على قنطرة بين الجنة والنار، ثم يهذبون وينقون، وذلك بأن يقتص لبعضهم من بعض إذا كانت بينهم مظالم في الدنيا، حتى إذا دخلوا الجنة كانوا أطهارًا أبرارًا، ليس لأحد عند الآخر مظلمة، ولا يطلب بعضهم بعضًا شيئًا.

والقنطرة جسر بعد جهنم وقبل الجنة، وروى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري t قال: قال رسول الله r: «يخلص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله في الدنيا»([6]).

 

3- الأوائل في دخول الجنة:

يساق المؤمنون معزَّزين مكرَّمين زمرًا زمرًا إلى جنات النعيم حتى إذا وصلوا إليها فتحت أبوابها، واستقبلتهم الملائكة الكرام يهنئونهم بسلام الوصول بعدما عانوه من الكربات، وما شاهدوه من الأهوال؛ لقوله تعالى: }وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين{ [الزمر: 73].

* وأول البشر دخولاً للجنة: هو سيدنا محمد r.

* وأول الأمم دخولاً للجنة: أمة محمد r.

* وأول من يدخل الجنة من أمته: أبو بكر t لقول المصطفى r: «أنا أول من يقرع باب الجنة»([7]) وقوله r: «أتاني جبريل فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي». فقال أبو بكر t: "وددت أني معك حتى أنظر إليه"، فقال رسول الله r: «أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل من أمتي». وقال الرسول r: «آتي باب الجنة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك»([8]). والمعلوم أن مفتاح الجنة كلمة التوحيد «لا إله إلا الله»، وأسنان ذلك المفتاح الأعمال الصالحة.

 

4- الذين يدخلون الجنة بغير حساب:

أول زمرة تدخل من هذه الأمة هم القمم الشامخة في الإيمان والتقى والعمل الصالح والاستقامة على الدين الحق، يدخلون الجنة صفًا واحدًا لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم على صورة القمر ليلة البدر، قال الرسول r: «أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها ولا يمتخطون، ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشيًا»([9]).

وقال r: «ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفًا أو سبعمائة ألف لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم، وجوههم على صورة القمر ليلة البدر»([10]).

وقد أعطي الرسول r مع كل واحد من السبعين هؤلاء سبعين ألفًا، قال r: «أعطيت سبعين ألفًا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي عز وجل فزادني مع كل واحد سبعين ألفًا»([11]).

وفي وصفهم قال r: «عرضت عليَّ الأمم، فأخذ النبي يمر معه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر معه العشرة، والنبي يمر معه الخمسة، والنبي يمر وحده، فنظرت فإذا سواد كثير، قلت يا جبريل، هؤلاء أمتي؟ قال: لا، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد كثير، قال: هؤلاء أمتك وهؤلاء سبعون ألفًا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب، قلت: ولم؟ قال: كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون»، فقام إليه عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «اللهم اجعله منهم»، ثم قام إليه رجل آخر فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «سبقك بها عكاشة»([12]).

وهم في قوله تعالى: }وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{ [الواقعة: 10-12].

فائدة:

أ- الذي لا يذهب للرقية، ولكن يرقيه أحد دون أن يطلب منه، أو يرقي نفسه قد يكون منهم.

ب- قول «سبقك بها عكاشة» لسد الباب أمام كل من يقوم ويسأل ذلك، أو لأن من سألها ليس أهلاً لها.

ج- لأن هؤلاء هم الذين وصلوا أعلى منازل التوكل على الله، فاستحقوا هذا الجزاء.

5- الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة:

لأن هؤلاء لم يكن عندهم شيء يحاسبون عليه، قال الرسول r لعمر بن الخطاب t: «أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أمتي؟ قلت: الله ورسوله أعلم، فقال: فقراء المهاجرين، يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة، يستفتحون، فيقول لهم الخزنة: أوقد حوسبتم؟ فيقولون: بأي شيء نحاسب، وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك؟ قال: فيفتح لهم، فيقيلون فيه أربعين عامًا قبل أن يدخلها الناس»([13]).

وعن الرسول r قال: «قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار»([14]).

وأصحاب الجد هم الأغنياء وأهل الحظ من المسلمين، الفقراء يسبقون الأغنياء بأربعين خريفًا بين آخر الفقراء وأول الأغنياء، ولكن خمسمائة عام بين أول الفقراء ودخول الأغنياء، والله أعلم.

6- أول ثلاثة يدخلون الجنة:

عن النبي r قال: «عرض عليَّ أول ثلاثة يدخلون الجنة: شهيد وعفيف متعفف، وعبد أحسن عبادة الله ونصح مواليه»([15]).

7- الذين يدخلون الجنة قبل يوم القيامة:

هم الشهداء؛ لقوله تعالى: }وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ{ [آل عمران: 169]؛ عن عبد الله بن مسعود قال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله r فقال: «أرواحهم في أجواف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل، فاطلع إليهم ربهم اطلاعة، فقال: هل تشتهون شيئًا؟ قالوا: أي شيء نشتهي، ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لن يُتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا»([16]).

 

رابعًا: وصف الجنة

1- الجنة خالدة وأهلها خالدون:

الجنة لا تفنى ولا تبيد، وأهلها فيها خالدون، لا يرحلون عنها ولا يظعنون ولا يبيدون ولا يملون ولا يموتون؛ لقوله تعالى: }لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ{ [الدخان: 56] وقوله: }خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا{ [الكهف: 108] ويؤتى بالموت بعد أن يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار على شكل كبش أملح، والسبب في أنه أملح لأنه جمع اللونين الأبيض والأسود لصفة أهل الجنة وأهل النار البياض والسواد، فيذبحه جبريل u ثم يقال لأهل الجنة: حياة بلا موت وكذلك لأهل النار، فعن الرسول r في حديث أنه قال: «يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت»([17]).

وقال عليه الصلاة والسلام: «من يدخل الجنة ينعَّم، لا يبأس، ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه»([18]).

2- أبواب الجنة:

قال تعالى: }وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ{ [الرعد: 23] وقد جاء أن عدد أبواب الجنة ثمانية أبواب:

أ- باب على اليمين، يدخله السبعون ألفًا الذين يدخلون الجنة بلا حساب.

ب- باب الريان، لا يدخله إلا الصائمون، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل غيرهم.

ج- باب للمكثرين من الصلاة وهي صلاة النوافل.

د- باب للمتصدقين.

هـ_ باب للمجاهدين؛ قال r: «من أنفق زوجين في سبيل الله من ماله دعي من أبواب الجنة، وللجنة ثمانية أبواب، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كل من أهل الصيام دعي من باب الصيام»([19]).

وقال الرسول r لأبي بكر عندما قال: «وما على أحد من ضرر دعي من أيِّها دعي، فهل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟» قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم»([20]).

و باب المعروف – وهو صنع المعروف – له باب في الجنة وفي الدنيا بدفع مصارع السوء، ومنه الأمر بالمعروف، قال r: «أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحسن الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي في حاجته أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرًا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضًا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخلُّ الزيت»([21]).

ز- باب البر وصلة الرحم، ومنها بر الوالدين:

ح- باب يقال لمحمد r أدخل من لا نجاسة عليهم من الباب الثامن من أبواب الجنة.

س: متى تفتح أبواب الجنة؟

جـ- تفتح هذه الأبواب الثمانية:

أ- كل يوم اثنين، قيل كناية عن كثرة الصفح والغفران ورفع المنازل وإعطاء الثواب الجزيل.

ب- تفتح في شهر رمضان الكريم.

ج- بعد الوضوء؛ روى عمر بن الخطاب t قال: قال رسول الله r: «من توضأ فأحسن الوضوء، ثم رفع بصره إلى السماء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فتحت له ثمانية أبواب من الجنة، يدخل من أيها شاء»([22]).

س: ما هو مفتاح الجنة؟ وما هي أسنانه؟ وكم عددها؟

جـ: مفتاح الجنة: شهادة أن لا إله إلا الله.

وأسنانه ثمانية: هي الأعمال الصالحة: الصلاة، الصيام، الزكاة، الحج، الجهاد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، البر، الصلة، ولكون الأعمال ثمانية جعلت أبوابها ثمانية، بينما النار سبعة أبواب لأن الأديان سبعة، واحدة من هذه الأديان للرحمن، والستة الباقية للشيطان وهي: (اليهودية، النصرانية، المجوسية، والوثنية، الدهرية، الإبراهيمية) أما الصنف السابع فهو لأهل التوحيد مثل: (الخوارج، المبتدعة، الظلمة، المصرين على الكبائر).

ويلاحظ أن بين المصراعين في أبواب الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليه يوم، وإنه لكظيظ من الزحام.

3- الجنة درجات وأهلها فيها متفاوتون:

قال تعالى: }وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا{ [طه: 75] وقال r: «من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقًا على الله أن يدخله الجنة جاهد في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها»، فقالوا: يا رسول الله، أفلا نبشِّر الناس؟ قال: «إن الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة»، قال: «وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجَّر أنهار الجنة»([23]).

وقال تعالى: }وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ{ [الرحمن: 46] وقال: }وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ{ [الرحمن: 62] ووصف الأوليين بقوله: }فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ{ [الرحمن: 50] ووصف الأخريين بقوله: }فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ{ [الرحمن: 66] أي: فوارتان بالماء لكنهم ليستا كالجاريتين؛ لأن النضخ دون الجري.

وأعلى منزلة في الجنة الوسيلة ينالها شخص واحد، سينالها إن شاء الله محمد r، وعنه r: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته: حلت له الشفاعة يوم القيامة»([24]).

* ومن الذين ينزلون الدرجات العلى:

أ- الشهداء في سبيل الله: لقوله r: «أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الأول، فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة، يضحك إليهم ربك فإذا ضحك ربك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه»([25]).

ب- الساعي على الأرملة والمسكين: له منزلة المجاهد في سبيل الله، عن النبي r قال: «الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله». ويقول أبو هريرة: وأحسبه قال: «وكالقائم لا يفتر، وكالصائم لا يفطر»([26]).

ج- كافل اليتيم: منزلته قريبة من منزلة الرسول r؛ لقوله: «كافل اليتيم له أو لغيره، أنا وهو كهاتين في الجنة»([27]) وأشار بالسبابة والوسطى.

د- يرفع الله درجة الآباء ببركة دعاء الأبناء: قال r: «إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك»([28]).

4- تربة الجنة:

قال r: «أدخلت الجنة، فإذا فيها جنادل اللؤلؤ، وإذا تربتها المسك»([29]).

5- أنهار الجنة:

يقول النبي r في قصة معراجه: «رأيت أربعة أنهار، من أصلها نهران ظاهران ونهران باطنان، فقلت: يا جبريل، ما هذه الأنهار؟ قال: أما النهران الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات»([30]) وقال r: «سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة»([31]).

6- عيون الجنة:

قال تعالى: }فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ{ [الرحمن: 50] وقال تعالى: }فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ{ [الرحمن: 66] في الجنة عينان يشرب بهما المقربون ماؤهما صرف غير مخلوط، ويشرب منهما الأبرار الشراب مخلوطًا وممزوجًا بغيره:

العين الأولى: عين الكافور؛ قال تعالى: }إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا{ [الإنسان: 5، 6]، ولعلها السلسبيل في قوله تعالى: }عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا{ [الإنسان: 18].

العين الثانية: عين التسنيم؛ قال تعالى: }يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ{ [المطففين: 25-27].

7- قصور الجنة:

قال تعالى: }وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ{ [التوبة: 72]، وقال رسول الله r: «إن في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام»([32]) وهي قصور شاهقة، طبقات فوق طبقات، مبنيات محكمات، مزخرفات عاليات، قال تعالى: }لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ{ [الزمر: 2].

منها الخيام؛ قال الرسول r: «الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ثلاثون ميلاً، في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون». وفي رواية: «ستون ميلاً»([33]).

ولمن يريد المزيد من البيوت في الجنة أرشد إلى ذلك الرسول r حيث يقول: «من بنى لله مسجدًا – ولو كمفحص قطاة لبيضها – بنى الله له مثله في الجنة»([34])، وقال r: «من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعًا بنى الله له بيتًا في الجنة»([35]).

8- نور الجنة:

ليس في الجنة ليل ونهار، وإنما هم في نور دائم أبدًا، وإنما يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب، وهذا النور يكون من العرش؛ لقوله تعالى: }وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا{ [مريم: 62].

9- ريح الجنة:

هذه الرائحة يجدها المؤمن من مسافات شاسعة، وهي رائحة عبقة زكية تملأ جنباتها؛ لقوله r: «وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا»([36]).

10- أشجار الجنة:

أشجار الجنة كثيرة طيبة متنوعة دائمة العطاء، متشابكة الأغصان، شديدة الخضرة، دانية الثمار مذللة ينالها أهل الجنة بيسر وسهولة، وقد ورد ذكر عدد من الأشجار في الجنة مثل:

أ- الشجرة التي يسير الراكب في ظلها مائة عام، وقد أخبر الرسول r أن ظلها يحتاج الراكب الفرس من الخيل التي تعد للسباق إلى مائة عام حتى يقطعها، إذا سار بأقصى ما يمكنه؛ لقوله r: «إن في الجنة لشجرةً يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام، وما يقطعها»([37]).

قال تعالى: }وَظِلٍّ مَمْدُودٍ{ [الواقعة: 30].

ب- سدرة المنتهى: في الصحيحين: «ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المنتهى ونبقها مثل قلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة، تكاد الورقة تغطي هذه الأمة، فغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك»([38]).

ج- شجرة طوبى: وهي شجرة عظيمة كبيرة تخرج منها ثياب أهل الجنة، قال الرسول r: «طوبى شجرةٌ في الجنة، مسيرة مائة عام، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها»([39]) أي من ثمر الجنة.

وسيقان أشجار الجنة من الذهب، عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: «ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب»([40]).

 

11- سيد ريحان الجنة:

عن النبي r قال: «سيد ريحان الجنة الحناء»([41]).

س: كيف يُكثِّرُ المؤمن حظه من أشجار الجنة؟

جـ: قال r: «لقيتُ إبراهيم ليلة أُسْري بي، فقال: يا محمد، أقرئ أمتك أن الجنة أرض طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر»([42]).

12- دوابُّ الجنة وطيورها:

قال تعالى: }وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ{ [الواقعة: 21]، وأول طعام هو زيادة كبد الحوت، جاء رجل بناقة مخطومة – فيها خطام - وهو قريب من الزمام فقال: هذه في سبيل الله. فقال رسول الله r: «لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة مخطومة»([43]).

13- وأعظم النعيم النظر إلى وجه الله الكريم في جنات النعيم:

رؤية الله هي الغاية القصوى في نعيم الآخرة والدرجة العليا من عطايا الله الفاخرة، ورضوانه فلا يسخط أبدًا، اللهمَّ بلَّغنا منها ما نرجو.

14- فراش أهل الجنة:

قال تعالى: }فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ{ [الغاشية: 13-16] أماكن الجلوس في حدائقها وبساتينها بألوان فاخرة رائعة من الفراش للجلوس والاتكاء، بطائنها من الإستبرق والنمارق – المخدات – والزرابي – البسط – والعبقري – البسط الجياد – والرفرف – رياض الجنة – والأرائك – السرر.

15- الحور العين:

هي التي يكون بياض عينيها شديد البياض وسواده شديد السواد، والعين جمع عيناء وهي واسعة العين، والمراد بالعرب الغنجات المتحببات لأزواجهن، وهن قاصرات الطرف، لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، لهم منظر حسن بديع، ولكل واحد من الرجال زوجتان وهو أقل عدد، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت على أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحًا طيبة، ولنصيفها على رأسها – خمارها – خير من الدنيا وما فيها، طاهرات لا يأتيهن حيض ولا نفاس، تغار الحور العين على أزواجهن في الدنيا، قال عليه الصلاة والسلام: «لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا، إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو دخيل عندك، يوشك أن يفارقك إلينا»([44]).

ومن وصف الحور: ثغورهن حين يبسمن كأنهن لؤلؤ منضود، وعندما تبتسم يسطع منها البرق فيضيء منها جوانب القصر وسقفه، فيسأل أهل الجنة: من أين هذا البرق؟ فيقال لهم: هذا ضوء انبعث من ثغر حوراء ضحكت لزوجها في أعلى الجنان.

16- أهل الجنة يرثون نصيب أهل النار في الجنة:

لقوله تعالى: }أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{ [المؤمنون: 10] فكل إنسان له منزل في الجنة ومنزل في النار فأهل الجنة يرثون أماكن أهل النار والعكس صحيح.

17- الضعفاء أكثر أهل الجنة:

قال r: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟» قالوا: بلى، قال: «كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره»([45]). والمراد أغلب أهل الجنة، وليس المراد الاستيعاب.

18- النساء أكثر من الرجال في الجنة:

لأن لكل رجل زوجتين؛ أي منشآت في الجنة، وعن عمرو بن العاص t قال: بينما نحن مع رسول الله r في هذا الشعب إذ قال: «انظروا هل ترون شيئًا؟» فقلنا: «نرى غربانًا فيها غراب أعصم، أحمر المنقار والرجلين»، فقال رسول الله r: «لا يدخل الجنة من النساء إلا من كن منهن مثل هذا الغراب في الغربان»([46]).

19- أطفال المؤمنين:

قال رسول الله r: «صغارهم دعاميص الجنة، يتلقى أحدهم أباه - أو قال أبويه - فيأخذ بثوبه - أو قال بيده - كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا، فلا يتناهى - أو قال: فلا ينتهي - حتى يدخله الله وإياه الجنة»([47]).

وقال r: «أطفالُ المؤمنين في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة، حتى يدفعوهم إلى آبائهم يوم القيامة»([48]).

20- مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمة:

قال r: «أهل الجنة عشرون ومائة صف، ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم»([49]).

* ومن أوصاف أهل الجنة ونعيمهم فيها:

يدخلون بصورة آدم فقد خلقه الله بيده فأتم خلقه وطوله ستون ذراعًا، قال الرسول r: «يدخل أهل الجنة جردًا، مردًا، كأنهم مكحلون، أبناء ثلاث وثلاثين»([50]).

وأهل الجنة كما جاء في الصحيحين أنهم: «لا يبصقون ولا يمتخطون، ولا يتغوطون»، وعن النبي r قال: «النوم أخو الموت، ولا ينام أهل الجنة»([51]).

والناس تعلقوا بالدنيا لأن متاعها واقع مشهود، والجنة غيب موعود، يثقل عليهم ترك ما بين أيديهم إلى شيء يرونه بعيدًا، فيجب علينا أن نجتهد في العبادات وفي طلب الآخرة؛ لأنها أفضل من الدنيا.

 

خامسًا: بعض من نص على أنهم من أهل الجنة.

* سيدا كهول أهل الجنة: هما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما؛ لقوله r: «أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين»([52]).

* سيدا شباب أهل الجنة: هما الحسن والحسين رضي الله عنهما؛ لقوله r: «إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»([53]).

* سيدات نساء أهل الجنة: هن خديجة، ومريم، وفاطمة، وآسية؛ فعن ابن عباس t قال: خطَّ رسول الله r في الأرض أربعة أخطط، ثم قال: «أتدرون ما هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم ابنة عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون»([54])، وأفضلهن مريم لقول النبي r: «سيدات نساء أهل الجنة بعد مريم ابنة عمران: فاطمة، وخديجة، وآسية امرأة فرعون»([55]).

* ومن الذين نص عليهم أيضًا:

1- جعفر بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب رضي الله عنهما؛ قال الرسول r: «دخلت الجنة البارحة، فنظرت فيها، فإذا جعفر يطير مع الملائكة، وإذا حمزة متكئ على سريره»([56]) وقال: «سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب»([57]).

2- عبد الله بن سلام: عن النبي r قال: «عبد الله بن سلام عاشر عشرة في الجنة»([58]).

3- زيد بن حارثة: وهو مولى عند الرسول r وأعتقه وهو والد أسامة، ورد ذكره في القرآن؛ قال تعالى: }فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا{ [الأحزاب: 37] وقال فيه الرسول r: «دخلت الجنة فاستقبلتني جارية شابة، فقلت: لمن أنت؟ قالت: لزيد بن حارثة»([59]).

4- زيد بن عمرو بن نفيل: كان يدعو إلى التوحيد في الجاهلية، وكان على الحنيفية ملة إبراهيم، قال فيه رسول الله r: «دخلت الجنة، فرأيت لزيد بن عمرو درجتين»([60]).

5- حارثة بن النعمان: قال الرسول r: «دخلت الجنة، فسمعت فيها قراءة، فقلت: من هذا؟ قالوا: حارثة بن النعمان، كذلكم البر كذلكم البر»([61]).

6- بلال بن رباح: قال الرسول r: «دخلت الجنة، فسمعت خشفة بين يدي، قلت: ما هذه الخشفة؟ فقيل: بلال يمشي أمامك»([62]).

* أبو الدحداح: هو الذي تصدق ببستانه ببيرحاء، أفضل بساتين المدينة عندما سمع قوله تعالى: }من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة{ [البقرة: 245].

وقال عنه النبي r: «كم من عذق معلق لابن الدحداح في الجنة»([63]).

* ورقة بن نوفل: هو ابن عم خديجة رضي الله عنها؛ آمن بالرسول عندما جاءته خديجة بالرسول r في أول أمره، تمنى على الله أن يدرك ظهور أمر الرسول r لينصره، وقال عنه الرسول r: «لا تسبُّوا ورقة بن نوفل، فإني قد رأيت له جنة أو جنتين»([64]).

* العشرة المبشرون بالجنة:

وهم كما في الحديث عن النبي r قال: «أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة، وأبو عبيدة عامر بن الجراح في الجنة»([65]).

 

سادسًا: الفرق بين متاع الدنيا والجنة

أ- متاع الدنيا قليل: قال r: «والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه – وأشار بالسبابة – في اليم، فلينظر بم ترجع»([66]).

ب- أن الجنة أفضل من الدنيا من حيث النوع؛ مثل الطعام، والثياب، والحلي، والقصور.

ج- الجنة خالية من شوائب الدنيا وكدرها (فليس فيها غائط ولا بول ولا روائح كريهة، وخمر الدنيا يذهب بالعقل، والنساء يلدن ويحضن).

د- نعيم الدنيا زائل ونعيم الآخرة باق دائم؛ لقوله تعالى: }مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ{ [النحل: 96].

هـ- العمل لمتاع الدنيا ونسيانُ الآخرة يعقبه الحسرة والندامة ودخول النيران.

 

سابعًا: طريق الجنة شاق

قال الرسول r: «لما خلق الله الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، فقال: وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها، فَحَفَّها بالمكاره، فقال: اذهب فانظر إليها، فذهب فنظر إليها، ثم جاء فقال: وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد»([67])؛ فالنار حُفَّت بارتكاب الشهوات، ومن هَتَكَ هذه الحجب دخل النار، والجنة حُفَّت بالمكاره ومن هتك هذه الحجب دخل الجنة.

 

ثامنًا: أعمال تقودك إلى الجنة

وفي الختام أوصيك أخية بالأعمال التي تسلك بك طريق الجنة وتباعدك عن النار، ومنها:

1- قيام الليل.

2- الإنفاق، قال تعالى: }وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ{ [الذاريات: 19].

3- عدم الإشراك بالله: }لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ{ [لقمان: 13].

4- الإشفاق من خشية الله: }الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ{ [الأنبياء: 49].

5- فعل الخيرات والقلوب وجلة: }وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ{ [المؤمنون: 60].

6- اجتناب كبائر الإثم والفواحش: }قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ{ [الأعراف: 33].

7- الإعراض عن اللغو: }وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ{ [المؤمنون: 3].

8- الحفاظ على الفرج: }وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{ [المؤمنون: 5].

9- درء السيئة بالحسنة: }وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ{ [الرعد: 22].

10- الجوع بالصيام.

11- عبراتهم تجري وقلوبهم معتبرة.

12- كثرة الاستغفار.

13- كثرة قراءة القرآن.

14- ترك المراء ولو كان محقًا وترك الكذب ولو كان مازحًا، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه.

15- كظم الغيظ والعفو عن الناس: }وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ{ [آل عمران: 143].

16- إفشاء السلام وإطعام الطعام، قال r: «سَلِّم على مَنْ عرفت ومن لم تعرف». وقال تعالى: }وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا{ [الإنسان: 8].

17- نهي النفس عن الهوى: }وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى{ [النازعات: 40].

18- الصبر والشكر: }إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{ [الزمر: 10]، }وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ{ [إبراهيم: 7].

واحذري أخية من الأمور التي تهوي بك في نار جهنم والعياذ بالله، أذكر لك شيئًا منها:

1- التبرج وهتك الحجاب.

2- التعطر والخروج إلى الأسواق وأماكن الاختلاط، ومخاطبة الأجانب من الرجال فوق الحاجة.

3- الكاسيات العاريات.

4- المفرطة في حقوق زوجها وذريتها.

5- إدخال الفضائيات إلى البيوت لتلعب بمن فيها، وإدخال الصور والمعازف إلى البيت.

6- التكبر على الخلق والعجب بالنفس.

7- إهمال الواجبات الشرعية كالصلاة أو التقصير فيها.

8- التحدث بما حرم الله كالغيبة والنميمة والبهتان.

 

وأختم بهذا الدعاء

اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.

اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها وما يقرب إليها من قول وعمل، ونعيمًا لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، اللهم إنا نسألك لذة النظرة إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، ونعوذ بك من النار وعذابها وما يقربنا إليها من قول وعمل، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا، ربنا أعنَّا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويَسِّر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا، ربنا اجعلني لك شكارًا لك ذكارًا لك رهابًا لك مطواعًا، إليك مخبتين أواهين منيبين، ربنا تقبل توباتنا، واغسل حوباتنا، وأجب دعواتنا، وثبت حجتنا واهد قلوبنا، وسدد ألسنتا، واسلل سخائم قلوبنا ووالدينا والمسلمين.

اللهم أهلك من في هلاكه صلاح الإسلام والمسلمين، وأبق من في بقائه صلاح الإسلام والمسلمين، اللهم فرج عن أمة عبدك ورسولك محمد r ما هي فيه وأنت أرحم الراحمين، اللهم اجعل بلاد المسلمين مقابر لأعدائهم من غير سوء يمس الإسلام والمسلمين، وأهلك المنافقين وأتباعهم، اللهم عاملنا بما أنت أهله ولا تعاملنا بما نحن أهله، اللهم رد كيد أعدائنا في نحورهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم اكفناهم بما شئت، اللهم يا منزل الكتاب ويا مجري السحاب ويا سريع الحساب ويا هازم الأحزاب، اهزم النصارى واليهود والمحاربين للإسلام والمسلمين، اللهم اهزمهم وزلزلهم، اللهم اقذف الرعب في قلوبهم، اللهم فرق جمعهم، اللهم شتت شملهم، اللهم خالف بين آرائهم، اللهم اجعل بأسهم بينهم، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، يا قوي يا قادر.

اللهم أذل الدول الكافرة المحاربة للإسلام والمسلمين، اللهم أرسل عليهم الرياح العاتية، والأعاصير الفاتكة، والقوارع المدمرة، اللهم أتبعهم بأصحاب الفيل، وصب عليهم عذابك.

اللهم فكَّ أسرى المسلمين، وانصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك، لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، رب السماوات ورب الأرض رب العرش العظيم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.


 

 

الفهرس

 

المقدمة 5

أولاً: الصراط الموصل إلى الجنة 6

ثانيًا: تعريف الجنة 7

ثالثًا: الناس ودخولهم الجنة وكيفية ذلك   7

1- الشفاعة في دخول الجنة: 7

2- تعذيب المؤمنين وتنقيتهم قبل الدخول: 8

3- الأوائل في دخول الجنة: 9

4- الذين يدخلون الجنة بغير حساب: 10

5- الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة: 12

6- أول ثلاثة يدخلون الجنة: 12

7- الذين يدخلون الجنة قبل يوم القيامة: 13

رابعًا: وصف الجنة 13

1- الجنة خالدة وأهلها خالدون: 13

2- أبواب الجنة: 14

3- الجنة درجات وأهلها فيها متفاوتون: 17

4- تربة الجنة: 19

5- أنهار الجنة: 19

6- عيون الجنة: 19

7- قصور الجنة: 20

8- نور الجنة: 21

9- ريح الجنة: 21

10- أشجار الجنة: 21

11- سيد ريحان الجنة: 23

12- دوابُّ الجنة وطيورها: 23

13- وأعظم النعيم النظر إلى وجه الله الكريم في جنات النعيم: 23

14- فراش أهل الجنة: 24

15- الحور العين: 24

16- أهل الجنة يرثون نصيب أهل النار في الجنة: 25

17- الضعفاء أكثر أهل الجنة: 25

18- النساء أكثر من الرجال في الجنة: 25

19- أطفال المؤمنين: 26

20- مقدار ما يدخل الجنة من هذه الأمة: 26

خامسًا: بعض من نص على أنهم من أهل الجنة. 27

سادسًا: الفرق بين متاع الدنيا والجنة 30

سابعًا: طريق الجنة شاق  31

ثامنًا: أعمال تقودك إلى الجنة 31

وأختم بهذا الدعاء 34

الفهرس   37

 

 

 

* * *

 



([1]) فتح الباري لابن حجر، كتاب الرقاق (11/462).

([2]) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة للقرطبي، ص332.

([3]) صحيح البخاري.

([4]) صحيح البخاري.

([5]) صحيح مسلم.

([6]) صحيح البخاري.

([7]) صحيح مسلم.

([8]) صحيح مسلم.

([9]) صحيح البخاري.

([10]) صحيح البخاري.

([11]) مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح.

([12]) صحيح البخاري.

([13]) سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني وقال أخرجه الحاكم على شرط الشيخين.

([14]) صحيح البخاري.

([15]) مسند الإمام أحمد، والحاكم، والبيهقي.

([16]) صحيح مسلم، وانظر عمر الأشقر، اليوم الآخر الجنة والنار، ص139.

([17]) صحيح البخاري.

([18]) صحيح مسلم.

([19]) متفق عليه.

([20]) النهاية لابن كثير.

([21]) صحيح الجامع.

([22]) مسند أبي يعلي.

([23]) صحيح البخاري.

([24]) صحيح البخاري.

([25]) مسند الإمام أحمد، صحيح الجامع الصغير.

([26]) صحيح مسلم.

([27]) صحيح مسلم.

([28]) مسند الإمام أحمد.

([29]) الصحيحين.

([30]) صحيح مسلم.

([31]) صحيح مسلم.

([32]) صحيح الجامع الصغير.

([33]) صحيح البخاري.

([34]) صحيح الجامع الصغير.

([35]) صحيح الجامع الصغير.

([36]) صحيح البخاري.

([37]) صحيح الجامع.

([38]) صحيح الجامع، وذلك في الصحيحين الجزء الثاني من الحديث.

([39]) سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([40]) صحيح الجامع.

([41]) صحيح الجامع.

([42]) صحيح الجامع.

([43]) صحيح مسلم.

([44]) مشكاة المصابيح.

([45]) جامع الأصول.

([46]) سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([47]) سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([48]) سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([49]) مشكاة المصابيح.

([50]) صحيح الجامع.

([51]) سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([52]) سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([53]) سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([54]) سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([55]) سلسلة الأحاديث الصحيحة.

([56]) صحيح الجامع.

([57]) صحيح الجامع.

([58]) صحيح الجامع.

([59]) صحيح الجامع الصغير.

([60]) صحيح الجامع.

([61]) صحيح الجامع الصغير.

([62]) صحيح الجامع الصغير.

([63]) صحيح الجامع الصغير.

([64]) صحيح الجامع الصغير.

([65]) صحيح الجامع الصغير.

([66]) صحيح مسلم.

([67]) جامع الأصول.

 

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق